ولا شعوب هائجة سواك

22 12 2011

ينكمش الشعور في إحتباسٍ حراريّ وكأنّ المسافة بين الكلمات هي في منفى إختياري .. بينك وبيني 22 ثورة وألف ربيع .. هو لا يمشي في الليل/ يخاف تقدّم ظلّه .. وظلي دائماً مرآة العابثين بأرواحهم الممتدة من سيدي بو زيد الى بنغازي ..

” الشعب يريد! ” .. أنتشي بالامل ولا تنبعث مكروبوات الاحباط ..

ليست الحرية سوى عبىء الاحلام ..

وليست الاحلام سوى دفن الاحباط ..

ولا تكون الشعوب الاّ في صيرورة الخلق

ولا يعبر التحرير الاّ في ميدانه

ولا يسقط الديكتاتور دون حبوب مهلوسة

ولا تقبل التعازي دون شهداء

ولا تحرق أجساد قبل محمد بوعزيزي

ولا أعرف من ثوراتك سوى صوتك!

صوتك وكل معركة أخرى .. رائحتك وكل أمر آخر .. شعرك وكل شهوةٍ أخرى .. رمادك وكل وسطية محتملة.

أسير في عبقٍ يفيض خيالاً .. أنت والشعوب والدنيا .. ولمن صوت البحر بيطلّع آذان الفجر .. ساعتا بيعلن ربيعك .. ربيع كل العرب.

حواشي النص أجمل منه .. خيبة الجمال تأتي من أطرافه .. والزلزال ينبعث دوماً من تحت الارض.

لا شيء مذهل سوى المحال .. لا شيء مذهل سوى ما هو مجهول .. والمجهول ديكتاتور يتغنى في بلاده .. يعربد في إياك وإياي .. يصنع نظاماً .. ويصبح الاحباط رديفه.

ولا ينمو الاحباط الاّ في فراغ

ولا يسد الفراغ الاّ بالذي يملاْه ..

والممتلىء هو الذي يفيض

والفيض ليس الاّ إمعان الوجود

وكل وجود تأسيس لقوة محتملة!

لا تملكين بلطجية ولا قوى مكافحة الشغب،

دون مسيّل للدموع .. دون موقعة الجمل

أقلّ فساداً من حبيب العادلي

أنت لا تملكين كلّ هذه القوة .. ولديك فائض تلك القوة!

أنت ديكتاتور إضافي!

بيني وبينك ثورة ونصف غير مكتمل .. ولا أعبأ بعدد الثورات الفاصلة بينك وبيني.

بيني وبينك ألف ظل ومئة فرص لتضيق الخيال

وفي إحدى تلك الفرص، يصير الوقت خيالاً مباحاً من مكانك

مكانك شعوب هائجة في أرض عربية …

ولا شعوب هائجة سواك!

 

عطالله السليم

نيسان 2011





ولا أرض شاسعة سواك

20 12 2011

والارض حكايا لم يقتل الوقت منها سوى أبطالها .. إمتد كل عبقها في مكانٍ ألفته الرعشة. يصرخ منديلها الزيتيّ في وقت الفجر .. هناك يمتزج التراب مع ألوهة الفجر محولاً رمادها الى شتاءٍ يهطل على أحلام الآخرين .. وفي ردهة وقتها، تلامس عيناها الافق مخترعةً قوس قزح يعكس نفسه في أرض إختصت بتتبع قدميها.
عند ذروة العشق، يرسم التاريخ نفسه على شكل حبوبٍ مهدئة من كلماتها الراسخة في أجيالٍ من الغضب .. في أجيالٍ إختلس العمر منها ثورتها.
فيك كل إحتمالات الانفجار والانفراج .. وهي أنت تلك الغاوية التي لا تحترف الاغواء بل تمارسينه بشكلٍ خفيّ. هناك، وضعن أحمر الشفاه .. لوحنً بمنديلهن الاسود .. رقصن في رقصة البجع .. ثم إنتحرن في إنتظار وطنٍ.
أنت زمنُ عابقُ بالانوثة .. جلس معنا طوال 62 عاماً .. ولم نعثر بعد على وثيقة ولادة تحدد صلاحية هذا الحب .. صلاحية هذا الوطن. تختلف الطبيعة في تفاصيل الرواية ولا تتآلفين مع الوهم الاتي على ظهر حقيقة مخدوعة. عند نقطة تقاطع الامل والوقت، تكثر من تناول الالم محاكاةً لمازوشية مضطربة في بطل مسرحيتها .. والجرد فيك خصوبة الارض المتتنعة عن قبلاتك .. خصوبة الاضطراب المؤقت على أطراف جسدك .. يهزأ مني كلما توغل نفيرُ من لعابي على تخوم شفتيك!
الوقت هو سيل الكلام المتدفق .. لم تخرج الرواية من مخزونها القصصي ولكنّ سرعة الرياح لا تلاقيها إعترافات ولّى عليها الزمن.
لا يموت الابطال في أسرارهم وتحتاج الحقيقة الى سر أنوثتها .. البطل يسير نحو النهاية ولا يموت البطل في سوريالية عربية لا تصنع الا مهزومين في الامل .. تلك هي حكاية كل وقت .. تلك هي حكاية كل أرض .. ولا أرضٍ شاسعة سواك …
ملاحظة: للنص مفعول تقدمي لا رجعي
كانون الاول 2010




معركة الاجور: السلطة البورجوازية في مواجهة كل الشعب

16 12 2011

تعاطت الحكومة اللبنانية مع موضوع الاجور، وربطاً بالسلة الاجتماعية، بإستخفاف شديد حيث برز بشكلٍ واضح أن الحكومة لا تتحرك الا بعد الاستحقاقات ولا تملك حد أدنى من رؤية متكاملة تستطيع من خلالها حل الازمات المستعصية. قرارات الحكومات المتعاقبة كانت دائماً إرتجالية ولا تعالج أمراً الاّ إذا حان وقته أو كثرت الضغوطات الشعبية. وفي مجال آخر، بينت تعاطي الحكومات المتعاقبة منذ العام 1992 ومنها حكومة ” كلنا للعمل ” برئاسة نجيب ميقاتي إنحيازها الواضح لاصحاب رؤوس الاموال وأرباب المصارف ضاربةً بعرض الحائط حقوق العمال والموظفين والاجراء وأصحاب الدخل المجدود. سأحاول في هذه المقالة الاضاءة على ملاحظات أساسية ميزت طريقة تعاطي السلطة السياسية، بشقيها الاداريين، مع مسألة شديدة الحساسية وهي تتعلق بأجور الشعب اللبناني.

الملاحظة الاولى: بدأ  وزير العمل، شربل نحاس، جلسات ماراتونية ضمن إطار لجنة المؤشر وذلك بدءاً من الاسبوع الاول من تشرين الاول وضمت هذه الاجتماعات ممثلين للعمّال وأصحاب العمل.

كان يفترض بوزراء العمل المتعاقبين على هذه الوزارة أن يدركوا أهمية تفعيل هذه اللجنة كإطار يرتكز اليه صانعو القرار خاصةً لمناقشة القضايا التي تتعلق بالاجور والتأمينات الاجتماعية للعمال والاجراء. وهذا ما لم يحدث لحين تسلم شربل نحاس وزارة العمل.

الملاحظة الثانية: إن الحوار الفرعي الذي أداره وزير العمل شربل نحاس، بحرفية تنم عن تحليه بروح المسؤولية، كان يجب أن يتم في إطار المجلس الاقتصادي-الاجتماعي حيث تلكأت الحكومات المتعاقبة على تفعيل دور هذا المجلس خاصةً لناحية الدور الاستشاري المناط به لناحية رسم الخطوط العامة للسياسات الاجتماعية. والجدير ذكره أن وثيقة الوفاق الوطني قد نصّت على إنشاء هذا المجلس وتفعيل دوره وهذا لم يحدث أبداً حيث ظلّ دوره هامشياً جداً وعقد إجتماعات بين الفينة والاخرى لم تتعدى السبعة إجتماعات!

الملاحظة الثالثة: لقد أتاح موضوع تصحيح الاجور فرصةً مهمةً لاعادة البحث بمجمل السياسة الاقتصادية التي إتبعتها الحكومات المتعاقبة منذ عام 1992، حيث حمل الوزير نحاس مقاربته العلمية مدافعاً عنها خلال إجتماعات مجلس الوزراء وفي الاوساط السياسية المختلفة. وقد كانت المرة الاولى التي يطرح فيها وزير ما إصلاحات تطبق وفقاً للقوانين والمرعية الاجراء فيما خصّ مقاربة الحد الادنى للاجور. أما الامر الذي ” لم يهضم ” من قبل قوى الاستبلشمنت السياسي فهو التغطية الصحية الشاملة لجميع اللبنانيين وتمويلها عبر فرض ضرائب على الربح العقاري وزيادة الضريبة على ربح الفوائد وينطلي هذا الامر على تعديلات جوهرية في النظام الضريبي وهذا ما لم تقبل به القوى السياسية كافةً كونها تمثل مصالح البورجوازية اللبنانية.

الملاحظة الرابعة: لقد أظهرت عملية التصويت في جلسة مجلس الوزراء المنعقدة يوم الاربعاء في 7 كانون الاوّل عقم التحالفات بين الفرقاء السياسيين المنضوين في حكومة ” كلنا للعمل”. وفي حقيقة الامر، فإنّ الناظر لكيفية تشكيل الغالبية النيابية بعد إقصاء سعد الدين الحريري عن سدة الرئاسة الثالثة، لا يستغرب هذا الامر بتاتاً. فمنذ اللحظة الاولى التي ولدت فيها الحكومة الميقاتية برزت الى العلن هذه التركيبة الهجينة بين فرقاء التقوا موضوعياً في حكومة ولم يأتوا اليها بعد إنبثاق غالبية نيابية. بالعودة الى التصويت وكما هو معلوم، صوّت وزراء حزب الله وحركة أمل مع المشروع الذي أعدّه نجيب ميقاتي وأفشلوا مشروع ” حليفهم ” شربل نحّاس.

الملاحظة الخامسة: وإذا كان تصويت وزراء حزب الله وحركة أمل ” تصويتاً سياسياً ” أراد به المعنيين مسايرة حليفهم المؤقت نجيب ميقاتي ( الذي هدد بالاستقالة في أكثر من مناسبة)، فإنّ تصويت وزير الصناعة فريج صابونجيان لصالح مشروع ميقاتي بدا غريباً للوهلة الاولى حيث ينتمي هذا الوزير الى حزب الطاشناق المنضوي في إطار تكتل التغيير والاصلاح. وحقيقة الامر أنّ وزير الصناعة هذا قرّر أن يخالف توجه الفريق السياسي الذي ينتمي اليه راضخاً لضغوط غرف التجارة والصناعة والزراعة، حيث تأكد وبالوجه الملموس التحالف العضوي بين أصحاب العمل من جهة والقوى الطائفية من جهةٍ أخرى.

الملاحظة السادسة: عقدت الهيئات الاقتصادية وهي الاسم الحركي للطبقة السياسية الفاسدة مؤتمراً حاشداً في البيال. ومكان إنعقاد المؤتمر ليس تفصيلاً إذ أن أصحاب العمل وممثلي غرف التجارة والصناعة والزراعة إختاروا منطقة ” الوسخ التجاري ” ( وهي إسم أغنية قدمّها شباب الطفّار) وما تحمل من دلالات طبقية لانعقاد مؤتمرهم هذا الذي ضمّ قرابة الالف شخص! وفي عنوان اللقاء المنعد ” حتى يبقى العمل للعنال ”  شعار إستفزني وكأنه جرى إختياره للمزايدة بالدفاع عن حقوق العمال. وفي مؤشر واضح للتحالف القائم بين اصحاب العمل من جهة وأرباب المصارف من جهةٍ أخرى، أعطيت كلمة لرئيس جمعية المصارف الدكتور جوزيف طربيه.

الملاحظة السابعة: أثبتت التظاهرة التي نظمتها هيئة التنسيق النقابية يوم الخميس في 15 كانون الاول أنها تؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة مع الحكومة بعد إسقاط المشروع الاول. وأتت هذه التظاهرة بعد تلكؤ الاتحاد العمالي العام و تواطؤ رئيسه غصان غصن الذي وافق ضمنياً على قرار مجلس الوزراء المتخذ في 7 كانون الاوّل وترك له إضراب سيكون هزلياً بإمتياز حيث حدد يوم الثلاثاء في 27 كانون الاول موعداً مفترضاً لهذا الاضراب!

ماذا بعد؟

إذاً لم تنته فصول معركة الاجور خاصةً في ظل تنامي الحركة المطلبية وسط توقع الاوساط السياسية والدستورية بالرد السلبي المتوقع من مجلس شورى الدولى على قرار رفع الحد الادنى للاجور. وفي هذا السياق، يتطلب من كافة الهيئات الشعبية والنقابية والمدنية، وخاصةً تلك المعنية بهموم الناس وأحوالهم فعلاً لا قولاً، أن تبادر الى تنظيم صفوفها ووضع خارطة طريق تسقط هذا القرار خاصةً أن معركة الاجور ستستكمل بمعركة مشروع قانون موازنة ال 2012 الذي على ما يبدو سيكون أمّ المعارك ضدّ السلطة السياسية ولنا كلام آخلا في هذا الشأن قريباً.

 





لماذا فشل حراك إسقاط النظام الطائفي: ما لم يقل بعد!

6 12 2011

بدأت القصة عندما قام بعض الشبّان بإستلهام تجربة الثورتين التونسية والمصرية فقاموا بتأسيس مجموعة عبر ” الفايسبوك ” دعت الى إجتماع ضمّ عدد كبير من الناشطين والناشطات. التقوا في مركز تيّار المجتع المدنيّ، وحددوا يوم الاحد في 27 شباط التحرك الاوّل الذي عرف بعدذاك بإسم ” مظاهرة الشماسي ” في دلالة الى الطقس العاصف الذي ميّز صبيحة ذلك النهار. شارك في التحرك ما يقارب 2500 شخص كانوا نواة ما عرف لاحقاً بإسم ” حراك إسقاط النظام الطائفي في لبنان”.

شاهدوا التقرير الذي أعدتّه قناة الجديد عن أولى مظاهرات الحراك

الشعار الخاطىء:  كان شعار الحراك تكراراً ببغائياً لصدى مظاهرات العالم العربي، وعلى الرغم من صوابية الخطاب لناحية رفض النظام السياسي القائم على أسس طائفية الاّ أنه لم يحسن المجتمعون تظهير الشعار عبر مطالب محددّة. كان يمكن مثلاً – ولاغراض الاستقطاب الجماهيري- أن ترفع الحملة لواء القضايا المعيشية والاجتماعية وفي الوقت عينه تربط هذه القضايا في إطار العنوان الاشمل الا وهو إسقاط النظام. وكان من الاجدى في الاساس أنّ يعمل المنظمون على المناداة بقضايا فرعية كالفساد والرشوة والمحسوبية الى جانب الهموم الاقتصادية ويطرحونها في مظاهراتهم ويبقى الميدان السياسي هو الحاسم لناحية التفاوض مع السلطة السياسية بشأن المطالب التي أجمع عليها المنظمون وكان أبرزها قانون إنتخابي قائم على النظام النسبيّ وقانون مدنيّ موحد للاحوال الشخصية. منذ بداية الحراك، أربك الشعار- الذي بني بشكلٍ عفوي- إتجاهات الحراك ونشاطاته ما جعله غير محصناً من إختراق الاحزاب السياسية الطائفية الى صفوفه وجعل القيمين على الحراك يضيعون أوقات إجتماعاتهم بترهّات تتعلق بإضافة  و”رموزه ” الى الشعار الاساسي أو ذلك الخلاف الشهير في ما إذا كنا سنكتب عبارة نحو ” دولة مدنية ” أو دولة ” علمانية “.

ظهور فئة من الشباب المتحمس لم نحسن التعامل معها وبالغت في إظهار ” مراهقتها السياسية” :

ظهر إبّان الاجتماعات المفتوحة للناشطين فئة من الشباب المستقل المتحمس كان يمكن لو أحسنا نحن- وأقول هنا نحن نسبةً الى عدد كبير من الناشطين والناشطات الذين يملكون خبرةً في العمل السياسي والحزبيّ- فهمهم ومحاولة عقلنة إندفاعتهم ” المحقة”. في المقابل، لم تظهر هذه الفئة أية إستعداد للنقاش الجدي والهادىء معتقدين أن التغيير في لبنان هو بسهولة التغيير المحقق في مصر وتونس. إندفعت هذه المجموعة نحو تقليد شعارات وممارسات الثورات العربية وفرضت نمطاً معيناً في طريقة إدارة الاجتماعات المفتوحة والتي إركزت بشكلٍ أساسي على الديمقراطية المباشرة أي معنىً آخر كل يدلي بدلوه في كل شيء ما جعل بعض الاجتماعات تمتد لمنتصف الليل، وفي هذا نمط لم تستسيغه فئات كبيرة من الناشطين مما دفعهم أحياناً الى تعليق مشاركتهم في الاجتماعات والاكتفاء بالمشاركة في المظاهرات وهناك قسم آخر ملّ بسرعة وتنحى جانباً. كبر البون بين هذه الفئة و” الناشطين القدامى ” ما أدى الى نشوء فوبيا من الاحزاب ( حتى اليسارية منها)، معتقدين أنّ دخول أفراد مستقلين من الاحزاب هو الخطر المهدد لاستمرارية الحراك فيما الادّق القول بأن عدم إمتلاك الحراك أصلاً لرؤية موحدة قد جعل الحراك مطيةً لبعض القوى السياسية لتمرّر من خلاله رسائل معينة!

شاهدوا حماسة الشباب المحقة

الانتهازيون الكثر أو ” ظاهرة وائل غنيم” :

بدا لوهلة أن ” الثوّار ” قد نظموا صفوفهم وإختاروا ناطقين رسميين يتحدثون بإسمهم. إحتكرت مجموعة قليلة من النشطاء الحيّز الاعلامي المسموع والمكتوب والمرئي. وكي لا يفهم من كلامي أنّه إتهام كامل بعدم مهنية ومصداقية تلك المجموعة، أريد القول أنّ أسوأ نماذج الانتهازيين هي التي أضرّت بصورة المجموعة والتي تحوّل بعض أفرادها الى أبطال في عالم الشبكة العنكبوتية وليس على أرض الواقع. أحدهم لم يوفّر فرصة الاّ وظهر فيها على شاشات التلفزة لدرجة أنه تحدث في وسائل الاعلام المختلفة أكثر بكثير من تحدثه في إجتماعات الناشطين في الحراك. كان يتحفنا بقدرته على إقناع وسائل الاعلام والجمعيات الاهلية بضرورة إنضمامهم الى الحراك وهو الذي ينظّم ورش عمل حول مواضيع مختلفة الاّ أنني أعتقد أنه بمقدوره أن ينظّم ورش عمل حول قضية واحدة الا وهي ” القوطبة”. على مستوى آخر، ساعدت بعض العوامل الموضوعية في تظهير الحراك أمام الرأي العام ولكننا للاسف لم نكن مجهزين على مستوى المضمون السياسي ولا على مستوى الخطوات العملية. وفّر لنا برنامج ” ضد الطائفية ” والذي قدمه الاعلامي قاسم دغمان على قناة ال NBN، مساحة إعلامية يومية مدتها ساعة واحدة. طبعاً كان هناك إستثمار سياسي أرادته المحطة تماشياً مع خطاب ” مؤيد ولطيف ” من قبل رئيس حركة أمل نبيه بري حيث تعاطفت المحطة مع حراكنا الشعبيّ لغاية في نفس نبيهها الاّ أن كان بمقدورنا تجيير هذا التأييد لو أحسنا تنظيم صفوفنا. أما المأساة الكبرى فقد تجلت في برنامج ” كلام الناس ” يوم الخميس في 24 آذار حيث إستطاع مارسيل غانم أن ” يحشر ” الشباب والصبايا ” عبر إعتماده على ضيوف خمسة من ناشطي الحراك. والمعروف إعلامياً بأن تمثيل جهة معينة بخمسة أطراف يعني عملياً محاولة إفشالها لان التباينات في الاراء والمعتقدات سيظهر الى العلن فكيف الحال إذا لم تمتلك الحملة لخطاب سياسي واضح. العامل الاخر في الحلقة كان وجود صحافي في جريدة المستقبل ممن يصنفون في عداد قوى 14 آذار حيث إتهم الحراك وبشكلٍ علني بانحيازه الى فريق الثامن من آذار!

مظاهرة 20 آذار: الحلم الكبير .. الفرصة الضائعة!

كنت واحداً من كثيرين لم يصدقوا ماذا جرى في ذلك اليوم. كبر العدد بطريقة قياسية فمن حشد الالفين في 27 شباط الى حشد الثمانية الاف في مظاهرة 6 آذار، وصولاً الى حشد قارب العشرين الفاً في 20 آذار. كنت واحداً من ناشطين وناشطات دأبوا في السنوات الماضية الى تنظيم تحركات على المستوى الوطنيّ تعنى بمناهضة النظام الطائفي والدعوة الى العلمانية وكانت أنجح التحركات تضم العشرات وأحياناً بضع مئات فقط. وقفت في صبيحة ذاك اليوم المشمس في ساحة ساسين في الاشرفية في مقدمة الصف الاوّل جنباً الى جنب مع رفاقٍ أحبهم كثيراً وأحترم نضالاتهم، كانت كاترين على يميني وميّادة على يساري .. لوهلة كانت الصدمة على وجوهنا والتقديرات كانت تشير الى وجود أكثر من 15 الف متظاهر ولكني لم أستطع رؤية ذاك المظهر الجميل الاّ عندما وصلنا قبالة وزارة الداخلية في الصنائع.

عندما أزهر ربيع بيروت!

في تمام الساعة الثالثة ظهراً، أدركت بأننا على قاب قوسين أو أدنى من فشل يقترب إذا لم نبادر الى تنظيم صفوفنا. في حقيقة الامر، عندما كبر عدد المشاركين كبر التحدي. كان ينبغي علينا وضع خارطة طريق لبلورة شكل الحراك وأهدافه حيث كان سيشكل التفاف الناس حول الحراك عاملاً مساعداً. للاسف، لم نحسن إستغلال الفرصة على الرغم من جهد شخصي قمت به بعد المظاهرة الى جانب بعض الرفاق والاصدقاء لتقريب وجهات نظر متباينة بين الناشطين، الاّ أننا لم نفلح في هذا الامر وبتنا يائسين. عند الساعة الرابعة من بعد الظهر غردّت وحيداً على الفايسبوك مزهوّا بنصرنا وكتبت التالي: 20 آذار .. عندما أزهر ربيع بيروت!

ما بعد 20 آذار: عندما ” فرخّت ” الحملة طموحات شخصية أخذت ظاهرياً شكل تيارات ضمن الحراك

ظهرت خلال مظاهرة 20 آذار لافتة الصقت عليها جميع رموز الطبقة السياسية وكتب بوسطها  “حلوّا عنا”. أثار رفع هذه اللافتة ضجةً كبيرةً بين المتظاهرين الذين إتفقوا مسبقاً على عدم رفع أي شعار يستفز العصبيات الطائفية وعدم التهجم على القيادات الطائفية كي لا يتهم الحراك بأنه مع طرف ضد آخر. ومع هذا، فعلها بعض ” الاذكياء ” حيث أدّى هذا الامر الى نشوب مشادة كلامية بين المجموعة التي رفعت الصورة ومجموعة أخرى من المنظمين وسرعان ما تباهت بعض وسائل الاعلام المحلية بوجود ” تباينات عميقة”  كما ذكرها التقرير الذي أعدّه فريق المؤسسة اللبنانية للارسال LBC  لنشرة الاخبار. والانكى من ذلك أنّ مخترع الصورة ورائد فكرتها قد أزاح صورة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله وإستبدلها بصورة أخرى للنائب محمد رعد غير مدرك طبعاً لمشكلة إضافية ستزيد من عمق الشرخ الموجود ذلك أن ضخاً إعلامياً قد إتهم الحراك حينها بالانحياز لقوى الثامن من آذار .. فأتت صورة حلوا عنّا لتكمل ما بدأه الاخرون! وفي سياقٍ متصل، إنبرى ” مخترع الصورة ورائد فكرتها ” بكتابة تقرير صحفي في إحدى الصحف المحلية يحلّل من خلاله أسباب فشل الحراك وراح يستطلع آراء بعض الناشطين. ليته يقابل نفسه أولاً كونه أسهم، ولو بدرجةٍ خفيفة، بفشل الحراك وتراجع حيويته.

شاهدوا الهرج والمرج الذي ساد بين المنظمين على أثر رفع مجموعة من المتظاهرين لافتة حلوّا عنا

من ناحيةٍ أخرى، بدأ الشرخ بإزدياد في شهر نيسان حيث برز عنواناً إضافياً للانقسام بين الناشطين ذلك أن الثورة السورية كانت قد بدأت في 15 آذار ولكنها أخذت تتوسع خلال نيسان. في هذا الوقت، كانت اللجان تعكف على كتابة ما سمي بإعلان المبادىء والذي كان من المفترض أن يتطور الى وثيقة سياسية شاملة فشل الحراك في بلورتها. تيار ” العمل المباشر “، اسم كان ليظهر بفجأة من دون تمهيد وهو تيار سجل رقماً قياسياً في الضمور السياسي طبعاً بعد نيل حركة اليسار الديمقراطي المرتبة الاولى. لم يكن الاختلاف بين تيار العمل المباشر وبقية الناشطين خلافاً إيدولوجياً أو فكرياً لان الحراك أساساً لم يكن محدداً رؤيته أو منطلقاته الفكرية. كان ” خلافاً مصطنعاً ” أراد البعض تظهيره محاولاً الايحاء بأن الحراك قد بدأ بالانهيار حيث كان أوّل ظهور لتيّار العمل المباشر متزامناً مع آخر مظاهرة للحراك ( التي جرت يوم الاحد في 26 حزيران) في مصادفة بدت لافتة للغاية.

 

يتبع في جزءٍ ثان: لماذا كتبت كل هذا 

 

 

 





مؤشر مدركات الفساد لعام 2011: لبنان ينال معدل 2.5 من عشرة

1 12 2011

حصل لبنان للمرة الثالثة على التوالي، ومنذ العام 2009، على معدل 2،5 /10 في مؤشر مدركات الفساد. هذا المعدل المتدني يعكس امرين اساسيين الأول، هو أن مستوى الفساد في لبنان مازال مرتفعاً جداً وثانياً أن مستوى إدراك الفساد هو مرتفع ايضاً. وقد حل لبنان هذا العام في المرتبة 134/183 بعد ان كان في المرتبة 127/178 عالمياً عام 2010 اي دون تغيير يذكر، بينما تراجع عربياً الى المرتبة 14/20 بعد أن حل في المرتبة 13/20 العام الماضي

هذه السنة أظهرت النتائج أن نيوزلندا حصلت على المرتبة الأولى دولياً بمعدل (9,5) والدانمارك، وفنلندا على المرتبة الثانية بمعدل (9,4) والسويد على المرتبة الثالة بمعدل(9،3)، كما احتلت الصومال المرتبة الأخيرة على 183 دولة بمعدل (1). بينما على الصعيد البلاد العربية فقد احتلت قطر المرتبة الأولى والمرتبة الـ 22 عالمياً بمعدل (7,2).

بيد أنّ السؤال الجوهري الذي يطرح في هذه المرحلة الدقيقة التي تمر بها المنطقة العربية حيث تشهد تغييراً وحراكاً على مستوى الأنظمة وتطبيقاً واسعاً للإصلاحات أقله على الورق بشكلٍ خاص والدول الأوروبية التي تشهد ايضاً العودة الى نظرية تدخل الدولة للحد من البطالة وخفض الدين العام وتحفيز النمو بشكلٍ عام، هو هل تكفي المعالجات التقليدية التي تعتمدها الأنظمة للحد والقضاء على الفساد؟ الجواب هو كلا. إذ رأينا أن واحداً من الاسباب الرئيسية للثورات إضافةً الى استبداد الأنظمة، كان الفساد المستشري وسوء استعمال السلطة، والدليل البارز على ذلك هو المحاولات الإصلاحية السريعة التي حاولت الأنظمة تطبيقها قبل انهيارها هذا من ناحية. من ناحيةٍ اخرى، بالعودة الى نتائج المؤشر لهذا العام نستنتج ان البلدان العربية التي شهدت وتشهد تغييرات والدول الأوروبية التي شهدت اضطرابات وتبدلات في الحكم حصلت على معدل ادنى من (4) نعني بها تونس ومصر وليبيا اليونان وايطاليا، مما يعكس حالة الوعي التي كانت تتمتع بها الشعوب في هذه الدول والإستهتار وعدم المسؤولية التي كانت تتعاطى به الحكومات مع شعوبها. مع التذكير أن منظمة الشفافية الدولية كانت قد نبهت لاعوام عديدة من مخاطر هذه السياسات المتبعة وغياب الشفافية.

لذا لا بدّ للدولة اللبنانية أن تنطلق الى مرحلة جديدة من التعاطي مع الأزمات المعيشية التي يعيشها لبنان والتي كان ولا يزال الفساد السبب الرئيسي في حدوثها والحد من حالة الفقر التي يقبع بها اللبنانيون الذين يعانون من ضعف القدرة الشرائية، وعدم تحسن رواتبهم واضطرارهم الى دفع فاتورتين مقابل الحصول على الخدمات وغياب الرعاية الصحية. وبحسب استطلاع رأي حول الفساد الإداري أعدّته الجمعية عام 2010، لجأ حوالي 65 في المئة من رجال الأعمال في لبنان إلى دفع الرشاوى لتسهيل و تسريع الإجراءات الحكومية.  فالإصلاح يتطلب وجود الإرادة السياسية أولاً وتوحيد الرؤى حول أسباب الفساد وكيفية معالجته مما يصعب تحقيقه اليوم في ظلّ الانقسام الافقي الذي يعيشه لبنان بين فريقي الخلاف. بمعنى آخر، تحمّل الزعماء السياسيين مسؤوليتهم تجاه المواطنين اللبنانيين.

وإذا كانت الموازنات العامة تعكس السياسة الإجتماعية التي تريد الدولة أن تعتمدها للسنة القادمة، فإن مشروع موازنة العام 2012، لا يعكس ابداً طموح اللبنانين من ناحية رفع معدل الضريبة على القيمة المضافة، وعدم تغطيتها للرعاية الصحية الشاملة، وخفض الجزء المخصص للمشاريع الإستثمارية وعدم اخذ بعين الإعتبار سياسة مواصلات جديدة الخ… وبمقارنة سريعة مع الدول العربية التي حصلت فيها الثورات نلاحظ أن مستوى النمو كان مشابهاً للذي يعيشه لبنان ما بين 5 الى 8% ! وهذا لم يمنع حدوث الثورات، ولا بد من التذكير بأن مستوى العجز في الموازنة اللبنانية نسبةً للناتج المحلي هو حوالي 9%. اما عجز الموازنة العامة وصل الى 29% بشكل عام اي ان الدولة تنفق بمعدلات اعلى من ما تنتجه في ظل غياب أو تغييب وشلل تام للهيئات الرقابية والأجهزة القضائية المسؤولة عن مراقبة الأموال العامة وفي ظل عدم عقد المجلس النيابي لجلسات مناقشة واستجواب لكيفية انفاق الأموال العامة.

هذا الواقع يمنع من وضع المشاريع والخطط الإصلاحية الهادفة الى مكافحة الفساد حيذ التنفيذ والتي نذكر منها على التوالي: عدم تطبيق قانون وسيط الجمهورية، عدم البدء جدياً بتنفيذ بنود إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد والتي انضم اليها لبنان رسمياً عام 2009 وغياب الثقافة الداعمة لها، عدم إقرار إقتراحي قانوني الحق في الوصول الى المعلومات وحماية كاشفي الفساد عام 2009 و2010 على التوالي، إضافةً الى عدم وضع استراتجية وطنية لمكافحة الفساد.

في الختام لا بد من القول انه حان الوقت لكي نستفيق جميعنا.

الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية- لا فساد








Sekkar Melih | ســــكّر مالــــح

قالَ البيتْ خُذوني مَعَكُمْ | أعطيناه الدّمْعُ ورُحنا

TRELLA.org

أنا نصف مجنون أبحث عن نصفي الاخر. حياتي كناية عن فوضى منظمّة .. هوايتي المفضلة أن أدفع الامور نحو الهاوية ثم أترقب لحظة سقوطها على نحو يثير اللذة في تكرار مغامرة قاتلة. بين الاكاديميا والحب والنضال .. جنون يخترق جدية الحياة فيجعلها في مرمى النيران